في حمى موسم الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني، يستغل كثير من المرشحين والقوائم التي تضمهم بعدم معرفة الناس الكاملة بدور المجلس التشريعي وخصوصا ان مواليد العام 1990 وقد شارفوا على الثلاثين من العمر لم يمارسوا عملية الترشيح والانتخاب طول عمرهم حيث كانت أعمارهم في حدود 15-16 سنة عام 2006 – اخر انتخابات تشريعية.
المجلس التشريعي هو جسم تشريعي رقابي في جوهره وليس جسم تنفيذي وهو يمثل أحد السلطات المستقلة الثلاث – أي السلطة التشريعية. وهناك تفصيل للتشريع وتفصيل للرقابة بما يشمل إقرار الميزانية العامة ومنح او حجب الثقة عن الوزراء او الحكومة ومتابعة التزام الحكومة بخططها المعلنة والتي تم إقرارها.
كل من يعد الناس بعمل مشاريع معينة أو صرف مبالغ معينة لقطاعات او مرافق او اشخاص، فهو اما لا يعرف دور المجلس التشريعي أو يضلل الناس عامدا متعمدا او الخيار الثالث وهو انه يستخدم المجاز اللغوي في الوصف وبالتالي قفز من فوق كلمتي التشريع والرقابة على التنفيذ الى كلمة “التنفيذ” فوراً باعتبار ان التشريع والرقابة مفهومتين ضمنا!
المجاز اللغوي يستخدم في مقام التجميل والإشارة اللطيفة لمن كان عنده معلومة كاملة او وافية وصورة دقيقة عن الوضع بحيث ان “اللبيب بالإشارة يفهم” ولا يحتاج المتحدث الى أكثر من إشارة مثل ” الجو حار جدا” ليفهم المستمع ان المتكلم يطلب الماء البارد او الظل، ويكفي ان يقول المتكلم “سافرنا طويلا وتعبنا” ليعلم المستمع ان المتكلم يطلب الطعام والاستضافة ليرتاح، على فرض ان المستمع عليم بالحال!
لكن ان تقول لشخص جائع او مريض أو محتاج أو لا يعلم تفاصيل “الحال” ما يلي:
إذا تم انتخابي في المجلس التشريعي فسأوفر الطعام لجميع الجائعين أو الدواء والعلاج لجميع المرضى أو العمل والحياة الكريمة لجميع المحتاجين!!! على فرض حسن النية وان المتحدث كان يقصد سن التشريعات والقوانين واليات الرقابة للتأكد من أن الحكومة تقوم بكل ما سبق، فأن المستمع سيصدق وعودا جوفاء ويعتقد ان نواب المجلس التشريعي هم السلطة التنفيذية.
من تجارب الناس مع السياسيين من الأحزاب والتنظيمات خلال ال 25 سنة الماضية فأن “حسن نية” المتحدث غير وارد ونلمس ذلك في ملاحظات وتعليقات الناس في مختلف الوسائل عن عدم تصديقهم للسياسيين والمترشحين من الأحزاب والتنظيمات المختلفة وانهم يبيعونهم “سمك في بحر” يعدونهم بسنغافورة او جنة الخلد على الأرض!!
طبعا الواعدين يستخدمون المجاز اللغوي والتورية والتشبيهات اللغوية مع أناس أنهكهم الاحتلال والحصار والفقر والبطالة والكورونا والسرطان والأغذية الفاسدة وهدر المال العام وضعف الرقابة وتراجع الحريات …. الخ.
أحد معاني كلمة “الفساد” في اللغة هو تغطية الشيء أو المبنى او الوجه بطبقة او غطاء أو واجهة مختلفة عن حقيقته ومن هنا اخذها الأوروبيين الى يومنا هذا ويستخدمون كلمة Façade بنفس المعنى السابق وتنطق “فساد “أيضا. من هنا ازعم ان استخدام المجاز اللغوي في مجال الترويج والدعاية الانتخابية هو أحد أنواع “الفساد”.
بقلم أ. رامز طلب المدهون